الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- الحديث الأول: قال عليه السلام: - "إن مولى القوم منهم، وحليفهم منهم، قلت: روي من حديث رفاعة بن رافع الزرقي، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث عمرو بن عوف، ومن حديث عتبة بن غزوان. - فحديث رفاعة بن رافع: [عند أحمد في "مسند رفاعة بن رافع الزرقي" ص 340 - ج 4، وفي "المستدرك - في تفسير سورة الأنفال" ص 328 - ج 2، وكذا الحديث الآتي عن عفان عن بشر بن المفضل، عند أحمد في "مسند رفاعة" ص 340 - ج 4] رواه أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه - في كتاب الأدب" حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد اللّه بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل عن عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "مولى القوم منهم، وابن أختهم منهم، وحليفهم منهم"، انتهى. ومن طريق ابن أبي شيبة، رواه الطبراني في "معجمه"، ورواه الحاكم في "المستدرك - في تفسير سورة الأنفال"، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى. ورواه البخاري في "كتابه المفرد في الأدب" حدثنا عمرو بن خالد الحراني ثنا زهير ثنا عبد اللّه بن عثمان به، وذكر فيه قصة، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: اجمع لي قومك، فجمعهم، فلما حضروا باب النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر، فقال: قد جمعت لك قومي، فسمع ذلك الأنصار، فقالوا: قد نزل في قريش الوحي، فجاء المستمع، والناظر، ما يقال لهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم، فقال: هل فيكم من غيركم؟ قالوا: نعم، فينا حليفنا، وابن أختنا، وموالينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حليف القوم، إلى آخره. ورواه أحمد أيضًا حدثنا عفان ثنا بشر بن المفضل ثنا عبد اللّه بن عثمان بن خيثم به. - وأما حديث أبي هريرة: فرواه البزار في "مسنده" حدثنا زريق بن السخت ثنا محمد بن عمر بن واقد عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حليف القوم منهم، وابن أختهم منهم، انتهى. وسكت عنه. - وأما حديث عمرو بن عوف: فرواه الدارمي [عند الدارمي في "الجهاد - باب مولى القوم، وابن أختهم منهم" ص 336] وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه في "مسانيدهم"، والطبراني في "معجمه" من حديث كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عمرو بن عوف أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا معهم، فدخل بينهم، ثم قال: أدخلوا عليّ، ولا يدخل عليّ إلا قرشي، قال: فتساللت فدخلت، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يا معشر قريش هل معكم أحد ليس منكم؟ قالوا: يا رسول اللّه معنا ابن الأخت، والمولى، والحليف، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ابن أخت القوم منهم، وحليفهم منهم، ومولاهم منهم، انتهى. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه إبراهيم الحربي في "كتابه غريب الحديث"، ثم قال: والحليف أيمان كانوا يتحالفونها على أن يلزم بعضهم بعضًا، انتهى. - وأما حديث عتبة بن غزوان: فرواه الطبراني في "معجمه" حدثنا الحسن بن علي العمري ثنا عبد الملك بن بشير الشامي ثنا عمر أبو حفص ثنا عتبة بن إبراهيم بن عتبة بن غزوان عن أبيه عن عتبة بن غزوان أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال يومًا لقريش: هل فيكم من ليس منكم؟ قالوا: ابن أختنا عتبة بن غزوان، قال: ابن أخت القوم منهم، وحليف القوم منهم، انتهى. ورواه ابن سعد في "الطبقات" [قلت: وفي "المستدرك - في الفضائل - في مناقب عتبة بن غزوان" ص 262 - ج 3.] أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدي عن مصعب بن محمد بن شرحبيل عن محمد بن شرحبيل بن حسنة عن عتبة بن غزوان، فذكره. ورد بعض الناس هذا القول - أعني التوارث - بالحلف بقوله عليه السلام: "لا حلف في الإسلام"، أخرجه مسلم [عند مسلم في "الفضائل - باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه" ص 308 - ج 2.] في"آخر الفضائل" عن جبير بن مطعم. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: - "الولاء لمن أعتق"، قلت: أخرجه الأئمة الستة عن عائشة أنها لما اشترت بريرة اشترط أهلها أن ولاءها لهم، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، انتهى. أخرجه البخاري [عند البخاري في "المكاتب" ص 348 - ج 1، وعند مسلم في "العتق" ص 494 - ج 1، وحديث أبي صالح عن أبي هريرة، عند مسلم في "العتق" ص 494 - ج 1.] في "المكاتب"، ومسلم، وأبو داود في "العتق"، والترمذي في "الولاء"، والنسائي، وابن ماجه في "الأحكام"، وأخرج مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها، فأبى أهلها إلا أن يكون لهم الولاء، فذكرت ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق، انتهى. قال عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين": وأخرجه البخاري من حديث ابن عمر [قلت: حديث ابن عمر هذا، عند البخاري في "المكاتب - باب ما يجوز من شروط المكاتب" ص 348، وفي "البيوع - باب الشراء والبيع مع النساء" ص 289 - ج 1، وفيه "باب إذا اشترط في البيع شروطًا لا تحل" ص 290 - ج 1، وفي "الفرائض - باب ما يرث النساء من الولاء" ص 1000 - ج 2.] في "المكاتب - وفي الفرائض" - الحديث الثالث: روي أنه مات معتق لابنة حمزة عنها، وعن بنت، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم المال بينهما نصفين، قلت: روي من حديث أمامة ابنة حمزة، ومن حديث ابن عباس. - فحديث أمامة: أخرجه النسائي، وابن ماجه في "سننيهما" [عند ابن ماجه في "الفرائض - باب ميراث الولاء" ص 201 - ج 2] - في الفرائض" عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن عبد اللّه بن شداد عن ابنة حمزة بن عبد المطلب، قالت: مات مولى لي، وترك ابنة له، فقسم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف، انتهى. ثم أخرجه النسائي عن عبد اللّه بن عون عن الحكم بن عتيبة عن عبد اللّه بن شداد أن ابنة حمزة أعتقت مملوكًا لها، فمات وترك ابنته ومولاته، الحديث. قال: وهذا أولى بالصواب من حديث ابن أبي ليلى، وابن أبي ليلى كثير الخطأ، انتهى. وابنة حمزة هذا اسمها أمامة، صرح به الحاكم في "المستدرك" [في "المستدرك - في الفضائل - في مناقب أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب" ص 66 - ج 4، قال: وأمها سلمى بنت عميس بن معد بن تيم أخت أسماء بنت عميس، عاشت بعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقد روت عنه] فرواه في "كتاب الفضائل" عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد اللّه بن شداد، وهو أخو أمامة بنت حمزة لأمها عن أخته أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، فذكره بلفظ النسائي، وسكت عنه، هكذا وقع في "المستدرك" اسمها أمامة، قال ابن الأثير: وهو الصحيح، وقال ابن عساكر في "أطرافه": إن لم تكن ابنة حمزة هذه أمامة، فلا أدري من هي، انتهى. قلت: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد اللّه بن شداد عن فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، قالت: مات مولى لي وترك ابنته، فقسم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف، انتهى. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الطبراني في "معجمه"، ورواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا عبد اللّه بن إدريس ثنا أبو إسحاق الشيباني عن عبيد بن أبي الجعد عن عبد اللّه بن شداد عن فاطمة بنت حمزة، فذكره، هكذا وجدته في هذين الكتابين: اسمها فاطمة، واللّه أعلم، ورواه أبو داود في "المراسيل" عن شعبة عن الحكم عن عبد اللّه بن شداد، قال: أتدرون ما ابنة حمزة؟ كانت أختي لأمي، وأنها لأعتقت مملوكًا لها، فتوفي، وترك ابنته ومولاته، فجعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ميراثه بينهما نصفين، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن عبد اللّه بن شداد، فذكره، قال الثوري: وأخبرني ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد اللّه بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، ورواه ابن أبي شيبة أيضًا حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور بن حيان عن عبد اللّه بن شداد، فذكره. - وأما حديث ابن عباس: فأخرجه الدارقطني في "سننه [عند الدارقطني في "الفرائض" ص 360، وعند الدارمي في "مسنده - في الولاء" ص 398، ولفظه: إن ابنة حمزة أعتقت عبدًا لها، الحديث. وعند البيهقي في "السنن - في الفرائض - باب الميراث بالولاء" ص 241 - ج 6، وقال: وابن شداد أخو بنت حمزة من الرضاعة، ثم قال: وكل هؤلاء الرواة أجمعوا على أن ابنة حمزة هي المعتقة، وقال إبراهيم النخعي: توفي مولى لحمزة بن عبد المطلب، الخ. وهذا غلط، وقد قال شريك: تقحم إبراهيم هذا القول تقحمًا، إلا أن يكون سمع شيئًا، فرواه، انتهى] - في الفرائض" عن سليمان بن داود المنقري ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن مولى لحمزة توفي وترك ابنته، وابنة حمزة، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف، ولابنة حمزة النصف، انتهى. قال صاحب "التنقيح": وسليمان بن داود هذا هو الشاذكوني وقد ضعفوه، وكذبه ابن معين، وغيره، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال البخاري: هو عندي أضعف من كل ضعيف، انتهى. وفي هذا المتن أن المولى لحمزة، وفي متن النسائي أن المولى لابنته، وأنها التي أعتقته، فاللّه أعلم، وفي "مراسيل أبي داود" عن إبراهيم قال: توفي مولى لحمزة بن عبد المطلب، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم بنت حمزة النصف، وقبض النصف، انتهى. وهذا مخالف لما تقدم. - الحديث الرابع" قال عليه السلام: - "الولاء لحمة كلحمة النسب، لا تباع، ولا توهب، ولا تورث"، قلت: روي من حديث ابن عمر، ومن حديث ابن أبي أوفى، ومن حديث أبي هريرة، استدل به المصنف على أن الأب يجر ولاء ابنه، وفي "الموطأ" عن مالك [عند مالك في "كتاب العتق والولاء - باب جر العبد الولاء إذا اعتق" ص 229] عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام اشترى عبدًا فأعتقه، وللعبد بنون من امرأة حرة، فقال الزبير: هو موالي، وقال: موالي أمهم هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان بن عفان، فقضى للزبير مولاهم، انتهى. مالك عن هشام بن عروة [قلت: لم أجد في نسخة "الموطأ المطبوعة بالهند" هذا الأثر عن هشام بن عروة] عن أبيه عن الزبير، نحوه. - أما حديث ابن عمر: فله طرق: أحدها عند ابن حبان في "صحيحه" في القسم الثاني عن بشر بن الوليد عن يعقوب بن إبراهيم عن عبيد اللّه بن عمر عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع، ولا يوهب"، انتهى. ورواه الشافعي في "مسنده" أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم عن عبد اللّه بن دينار به، ومن طريق الشافعي رواه الحاكم في "المستدرك" [في "المستدرك - في الفرائض" ص 341 - ج 4، قلت: فقد صحح الحاكم هذا الحديث، وتتبعه الذهبي في "تلخيصه" ومن رجاله الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف القاضي "النجوم الثواقب". ] - في كتاب الفرائض" وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى. وعن الحاكم رواه البيهقي في "المعرفة" [وقريب منه في "السنن" له: ص 292، وص 293 - ج 10.] بسنده ومتنه، ثم قال: وكان الشافعي رواه عن محمد بن الحسن من حفظه، فزل عن ذكر عبيد اللّه بن عمر في إسناده، وقد رواه محمد بن الحسن في "كتاب الولاء" عن أبي يوسف عن عبيد اللّه بن عمر عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ الذي رواه عنه الشافعي، وهو حديث غير محفوظ، وقد رواه جماعة عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وعن هبته، هكذا رواه عبيد اللّه بن عمر، فيما رواه عنه مالك، وعبد الوهاب الثقفي، والثوري، وشعبة، والضحاك بن عثمان، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم، وروى عن يحيى ابن سليم الطائفي عن عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر، وهو وهم على عبيد اللّه في المتن والإسناد جميعًا، وأصح ما فيه حديث هشام بن حسان عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب، لا تباع ولا توهب"، وهو مرسل، انتهى كلامه. - طريق آخر: أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه في "كتاب مناقب الشافعي" عن علي بن سليمان الأخميمي ثنا محمد بن إدريس الشافعي ثنا محمد بن الحسن ثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن عبد اللّه بن دينار به، قال الحاكم: هكذا قال فيه: عن أبي حنيفة، وهو وهم، فإن الشافعي رواه عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن ابن دينار نفسه، انتهى. - طريق آخر: أخرجه الطبراني في "معجمه الوسط" عن محمد بن زياد ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر به، وقال: لم يروه عن إسماعيل بن أمية إلا يحيى بن سليم، انتهى. - وأما حديث ابن أبي أوفى: فأخرجه الطبراني في "معجمه" عن عبيد بن القاسم الأسدي عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع، ولا يوهب"، انتهى. ورواه ابن عدي في "الكامل"، وأعله بعبيد بن القاسم، ونقل عن ابن معين أنه قال فيه: كان كذابًا. - وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" عن يحيى بن أبي أنيسة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة"، إلى آخره سواء، وأعله بيحيى بن أبي أنيسة، وأسند تضعيفه عن البخاري، والنسائي، وأحمد، وابن المديني، وابن معين، قال: وأخوه زيد بن أبي أنيسة ثقة، وقال في أخيه يحيى هذا: إنه كذاب، ووافقهم ابن عدي على ذلك، وقال: هذا الحديث ليس بمحفوظ، انتهى. قال الدارقطني في "كتاب العلل": روى أبو إسماعيل الفارسي عن الثوري عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا: الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع، ولا يوهب، لم يروه عن الثوري بهذا اللفظ غيره، وغيره يرويه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وهبته، ورواه محمد بن زياد الزراد [قلت: وفي "هوامش السنن الكبرى" ص 293 - ج 10، وجد مكتوبًا بخط الحافظ أبي القاسم بن عساكر: إنما هو محمد بن زياد بن عبيد اللّه الزيادي البصري، فهو شيخ ابن خزيمة، يروي عنه، وليس بأبي حسان الحسن بن عثمان الزيادي، كما قال البيهقي في "السنن"] عن يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل ابن أمية عن نافع به، ووهم بن زياد في قوله: إسماعيل بن أمية، وخالفه يعقوب بن كاسب، فرواه عن يحيى بن سليم عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع به، وهذا أشبه [قلت: قوله: وهذا أشبه، يرده قول البيهقي في "السنن"293، وهذا وهم من يحيى بن سليم، أو من دونه في الإسناد، فإن الحفاظ إنما رووه عن عبيد اللّه بن عمر عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الولاء وهبته، انتهى.]، ورواه أيوب عن سليمان الأعور عن عبد العزيز بن مسلم القسملي عن عبد اللّه بن دينار به: لا يباع الولاء، ولا يوهب، ولا يورث، فزاد فيه: ولا يورث، ورواه الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عبد اللّه بن دينار به، وقيل فيه: عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن عبد اللّه بن دينار، ولا يصح فيه ذكر أبي حنيفة، ورواه بشر بن الوليد عن أبي حنيفة عن عبيد اللّه بن عمر عن ابن دينار، وهو أشبه، انتهى كلامه. ولم أجد في شيء من طرق الحديث: ولا يورث. - الحديث الخاامس: قال عليه السلام للذي اشترى عبدًا فاعتقه: - "هو أخوك، ومولاك، إن شكرك هو خير له، وشر لك، وإن كفرك، فهو خير لك، وشر له، وإن مات، ولم يترك وارثًا، كنت أنت عصبته"، قلت: رواه الدارمي في "مسنده" [عند الدارمي في "مسنده - في الولاء" ص 398.] أخبرنا يزيد بن هارون عن الأشعث عن الحسن أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل، فقال: إني اشتريت هذا فأعتقته، فما ترى فيه؟ قال: أخوك ومولاك، إن شكرك فهو خير له، وشر لك، وإن كفرك فهو شر له، وخير لك، قال: فما ترى في ماله؟ قال: إن مات ولم يدع وارثًا فلك ماله، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن، قال: أراد رجل أن يشتري عبدًا، فلم يقض بينه وبين صاحبه بيع، وحلف رجل من المسلمين بعتقه، فاشتراه، فأعتقه، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شكرك فهو خير له، وشر لك، وإن كفرك فهو شر له، وخير لك، قال: فكيف بميراثه؟ فقال عليه السلام: إن لم تكن له عصبة، فهو لك، انتهى. - الحديث السادس: روي أنه عليه السلام ورث ابنة حمزة على سبيل العصوبة مع قيام وارث، قلت: تقدم قريبًا بجميع طرقه. - قوله: روي عن علي تقديمه على ذوي الأرحام - يعني مولى العتاقة - ، قلت: غريب عن علي، وأخرجه عبد الرزاق عن زيد بن ثابت، فقال: أخبرنا معمر عن قتادة عن زيد بن ثابت كان يورث الموالي دون ذوي الأرحام، انتهى. وأخرج عن علي خلاف ذلك، فقال: أخبرنا الثوري أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم، قال: كان عمر، وابن مسعود يورثان ذوي الأرحام دون الموالي، قلت: فعلي بن أبي طالب؟ فقال: كان أشدهم في ذلك، انتهى. - الحديث السابع: قال عليه السلام: - "ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، أو كاتبن، أو كاتب من كاتبن، أو دبرن، أو دبر من دبرن، أو جر ولاء معتقهن"، قلت: غريب، وأخرجه البيهقي [عند البيهقي في "السنن - في كتاب الولاء - باب لا ترث النساء الولاء" ص 306 - ج 10.] عن علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبير من العصبة، ولا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، انتهى. وأخرج أيضًا عن إبراهيم. قال: كان عمر، وعلي، وزيد بن ثابت لا يورثون النساء من الولاء، إلا ما أعتقن، وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن الحسن أنه قال: لا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، وأخرج عن عمر بن عبد العزيز، قال: لا ترث النساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو كاتبن، وأخرج نحوه عن ابن سيرين، وابن المسيب، وعطاء، والنخعي، وأخرج عن علي، وعمر، وزيد أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء، إلا ما أعتقن، انتهى. وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب، قال: لا ترث النساء من الولاء إلا ما كاتبن، أو أعتقن، قال الحاكم: وأخبرني إبراهيم عن ابن مسعود مثله، قال الحاكم: وكان شريح يقوله، وأخرج عن الشعبي، والنخعي، كقول الحسن المتقدم. - قوله: لأن الولاء للكبير هو المروي عن عدة من الصحابة منهم عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم، قلت: تقدم قريبًا للبيهقي عن علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبير من العصبة، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم أن عمر، وعليًا، وزيد بن ثابت كانوا يجعلون الولاء للكبير، انتهى. ورواه الدارمي في "مسنده" [عند الدارمي في "مسنده - باب الولاء للكبير" ص 399، وقال: وأحسبه قد ذكر عبد اللّه أيضًا.] أخبرنا يزيد بن هارون ثنا أشعث عن الشعبي عن عمر، وعلي، وزيد أنهم قالوا: الولاء للكبير، قال: يعنون بالكبير ما كان أقرب بأم وأب، انتهى. ورواه من طريق أخرى، وزاد فيه ابن مسعود، ورواه القاسم بن حزم السرقسطي في "كتاب غريب الحديث" أخبرنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن علي، وزيد، وعبد اللّه أنهم كانوا يقولون: الولاء للكبير، انتهى. قال: ومعناه لا قعد الناس بالمعتق يوم يموت المعتق، انتهى. وقال في موضع آخر: قال يعقوب: الولاء للكبر - بضم الكاف - وهو أكبر ولد الرجل المعتق، انتهى. وفي "الموطأ" [عند مالك في "الموطأ - باب ميراث الولاء" ص 230، وألفاظ التخريج مطابقة لألفاظ "الموطأ" وعند البيهقي في "السنن - في الولاء - باب الولاء للكبير من عصبة المعتق" ص 303 - ج 10] مالك عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه أخبره أن العاص بن هشام هلك، وترك ثلاث بنين: اثنان لأم، ورجل لعلة، فهلك أحد اللذين لأم، وترك مالًا وموالي، فورثه أخوه الذي لأبيه وأمه، ماله ومواليه، ثم هلك الذي ورث المال، وولاء الموالي، وترك ابنًا، وأخًا لأبيه، فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال، وولاء الموالي، وقال أخوه: ليس كذلك، إنما أحرزت المال، وأما ولاء الموالي فلا، أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه؟ فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقضى لأخيه بولاء الموالي، انتهى. وينظر في مطابقته للفظ الكتاب. - الحديث الثامن: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن رجل أسلم على يد رجل آخر، ووالاه، فقال: - هو أحق الناس به، محياه ومماته، قلت: أخرجه أصحاب السنن الأربعة في "كتبهم [عند أبي داود في "الفرائض - باب في الرجل يسلم على يدي الرجل" ص 48 - ج 2] - في الفرائض"، فأبو داود عن يحيى بن حمزة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: سمعت عبد اللّه بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الداري، قال: يا رسول اللّه ما السنة في الرجل يسلم على يد رجل من المسلمين؟ قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته، انتهى. وأخرجه الترمذي [عند الترمذي في "الفرائض - باب ما جاء في الرجل يسلم على يدي الرجل" ص 33 - ج 2] عن أبي أسامة، وابن نمير، ووكيع ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد اللّه بن موهب عن تميم الداري، فذكره، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد اللّه بن موهب، ويقال: وهب عن تميم الداري، وقد أدخل بعضهم بين عبد اللّه بن موهب، وبين تميم الداري قبيصة بن ذؤيب، هكذا رواه يحيى بن حمزة، وهو عندي ليس بمتصل، انتهى. وأخرجه النسائي [قلت: لم أجد هذه الرواية في "الصغرى" لعلها في "الكبرى" وفي "السنن الكبرى" للبيهقي عن يونس ابن أبي إسحاق عن أبيه عن عبد اللّه بن وهب، الحديث، وكذا في "المستدرك" عن يونس بن أبي إسحاق به] عن أبي إسحاق عن عبد اللّه بن وهب عن تميم نحوه، وعن عبد اللّه بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن عبد اللّه بن موهب عن تميم نحوه، وأخرجه ابن ماجه [عند ابن ماجه في "الفرائض - باب الرجل يسلم على يدي الرجل" ص 202] عن وكيع عن عبد العزيز بن عمر عن عبد اللّه بن موهب عن تميم نحوه، وأخرجه الحاكم في "المستدرك [في "المستدرك - في كتاب المكاتب" ص 219 - ج 2.] - في كتاب المكاتب" عن عبد اللّه بن موهب القرشي عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الداري، قال: سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الرجل يسلم على يد الرجل، فقال: هو أولى الناس بمحياه ومماته، انتهى. وقال: على شرط مسلم، وعبد اللّه بن وهب هو ابن زمعة، انتهى. وتعقبه الذهبي في "مختصره"، فقال: لم يخرج له إلا ابن ماجه فقط، ثم هو وهم من الحاكم، فإن ابن زمعة لم يرو عن تميم الداري، وصوابه عبد اللّه بن موهب، وكذا جاء في "كتاب النسائي" عن عبد اللّه ان موهب، انتهى كلامه. ورواه أحمد، وابن أبي شيبة، والدارمي [عند الدارمي في "الفرائض - باب في الرجل يوالي الرجل" ص 400 عن أبي نعيم عن عبد العزيز بن عمر عن عبد اللّه بن موهب، قال: سمعت تميمًا الداري، الحديث، وعند أحمد في "مسند تميم الداري" ص 103 - ج 4 عن وكيع عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد اللّه بن موهب، قال: سمعت تميمًا الداري، الحديث، وعند الدارقطني في "الرضاع" ص 501 - ج 2 به، وعن عبد العزيز بن عمر، وعبد العزيز بن عبيد اللّه عن عبد اللّه بن موهب به] وأبو يعلى الموصلي في "مسانيدهم" بالسند المنقطع فقط، وكذلك الدارقطني في "سننه"، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه - في الولاء" حدثنا ابن المبارك أخبرني عبد العزيز بن عمر عن عبد اللّه بن وهب عن تميم، وذكره البخاري في "صحيحه" [ذكره البخاري في "الفرائض - باب إذا أسلم على يديه" ص 1000 - ج 2] تعليقًا في "الفرائض" فقال: باب "إذا أسلم على يديه"، ويذكر عن تميم الداري رفعه، قال: هو أولى الناس به، محياه ومماته، وقد اختلفوا في صحة هذا الخبر، انتهى. وأخرجه الطبراني في "معجمه" عن يحيى بن حمزة بسند أبي داود، ثم أخرجه عن حفص بن غياث عن عبد العزيز بن عمر بسند الترمذي، قال البيهقي في "المعرفة": قال الشافعي، هذا حديث ليس عندنا بثابت، إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن موهب عن تميم الداري، وابن موهب [قال صاحب "الجوهر" ص 297 - ج 10: قلت: أخرجه الحاكم من طريق ابن موهب عن تميم، ثم قال: صحيح على شرط مسلم، وعبد اللّه بن موهب بن زمعة مشهور، وشاهده عن تميم حديث قبيصة، ثم ذكر حديث قبيصة بسنده، وأخرج ابن أبي شيبة الحديث في "المصنف" عن وكيع عن عبد العزيز، وصرح فيه بسماع ابن موهب من تميم، كرواية أبي نعيم، وأخرجه ابن ماجه في "سننه" عن ابن أبي شيبة كذلك، فهذان ثقتان جليلان صرحا بسماع ابن موهب من تميم، وأدخل يزيد بن خالد، وهشام، وابن يوسف بينهما قبيصة، فإن كان الأمر كما ذكر أبو نعيم، ووكيع حمل على أنه سمع منه بواسطة، وبدونها، وإن ثبت أنه لم يسمع منه ولا لحقه، فالواسطة - وهو قبيصة - ثقة، أدرك زمان تميم بلا شك، فعنعنته محمولة على الاتصال، فلا أدري ما معنى قول البيهقي: فعاد الحديث مع ذكره إلى الإرسال، وقال صاحب الكمال: ابن موهب ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء فلسطين، وروى عنه عبد العزيز، والزهري، وابنه يزيد ابن عبد اللّه، وعبد الملك بن أبي جميلة، وعمرو بن مهاجر، وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز بن عمر، وهو ثقة عن ابن موهب الهمداني، وهو ثقة، قال: سمعت تميمًا، وكذا ذكر الصريفيني بخطه في "كتابه"، انتهى] ليس بالمعروف عندنا، ولا لقي تميمًا فيما نعلم، ومثل هذا لا يثبت عندنا، وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: هذا خطأ، ابن موهب لم يسمع من تميم، ولا لحقه، انتهى. وقال البيهقي في "كتاب مناقب الشافعي": وقد صرح بعض الرواة فيه بسماع ابن موهب من تميم، وضعفه البخاري، وأدخل بعضهم بينه وبين تميم قبيصة، وهو أيضًا ضعيف، وقد بيناه في "كتاب السنن"، انتهى. وقال ابن القطان في "كتابه": وعلة هذا الحديث الجهل بحال عبد اللّه بن موهب، فإنه لا يعرف حاله، وكان قاضي فلسطين، ولم يعرفه ابن معين، وقد اختلفوا فيه على عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فرواه الترمذي من حديث أبي أسامة، وابن نمير، ووكيع عنه عن عبد الله بن موهب عن تميم الداري، ورواه يحيى بن حمزة عنه، فأدخل بينهما قبيصة بن ذؤيب، وهو الأصوب، وعبد العزيز هذا ليس به بأس، والحديث من أجل عبد اللّه بن موهب هذا لا يصح، انتهى كلامه. وقال الخطابي: وقد ضعف أحمد بن حنبل هذا الحديث، وقال: إن راويه عبد العزيز ليس من أهل الحفظ والإتقان، وقال ابن المنذر: لم يروه غير عبد العزيز بن عمر، وهو شيخ ليس من أهل الحفظ، وقد اضطربت روايته فيه، قلت: عبد العزيز هذا من رجال "الصحيحين"، وقال ابن معين: ثقة، روى يسيرًا، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو نعيم: ثقة، وقال ابن عمار: ثقة، لا اختلاف فيه. روى الطبراني في "معجمه"، والدارقطني في "سننه" [عند الدارقطني في الرضاع" ص 502.] من حديث معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم بن عبد العزيز عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من أسلم على يديه رجل، فولاؤه له"، انتهى. ورواه ابن عدي في "الكامل"، وأعله بمعاوية بن يحيى، وأسند تضعيفه عن ابن معين، والنسائي، وابن المديني، ووافقهم، وقال: في رواياته نظر، انتهى. ورواه ابن عدي أيضًا من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة، وأعله بجعفر بن الزبير، وذكره عبد الحق في "أحكامه" من جهة ابن عدي، وقال: جعفر متروك، وكان رجلًا صالحًا، انتهى. - حديث آخر: رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" حدثنا بقية بن الوليد حدثني كثير بن مرة النهراني ثنا شيخ من باهلة عن عمرو بن العاص أنه أتى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: إن رجلًا أسلم على يدي، وله مال، وقد مات، قال: فلك ميراثه، انتهى. ومن طريق إسحاق رواه الطبراني في "معجمه". - أثر: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [قلت: ونقل هذا الأثر صاحب "الجوهر" ص 298 - ج 10 عن "تهذيب الآثار" لابن جرير الطبري، ثم قال: ورواه مسروق عن ابن مسعود، وقاله إبراهيم، وابن المسيب، والحسن، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، وفي "الاستذكار" وهو قول أبي حنيفة، وصاحبيه، وربيعة، وقال يحيى بن سعيد في الكافر الحربي إذا أسلم على يد مسلم: وروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود أنهم أجازوا الموالاة، وورثوا بها، وقاله الليث، وعن عطاء، والزهري، ومكحول نحوه، وعن ابن المسيب: أيما رجل أسلم على يديه رجل، فعقل عنه ورثه، وإن لم يعقل عنه لم يرثه، وقال به طائفة، وعند أبي حنيفة، وأصحابه إذا أسلم على يديه، ولم يعقل عنه، ولم يواله لم يرثه، ولم يعقل عنه، وإن والاه على أن يعقل عنه، ويرثه، ورثه، وعقل عنه، وهو قول الحكم، وحماد، وإبراهيم، وهذا كله إذا لم تكن له عصبة، انتهى] - في الديات" حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن مجاهد أن رجلًا أتى عمر، فقال: إن رجلًا أسلم على يدي، فمات وترك ألف درهم، فتحرجت منها، فقال: أرأيت لو جنى جناية على من تكون؟ قال: علي، قال: فميراثه لك، انتهى. - الحديث الأول: حديث عمار بن ياسر، لما ابتلي بالإكراه، قال له النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: - "كيف وجدت قلبك؟ فقال: مطمئنًا بالإيمان، قال: فإن عادوا فعد"، قلت: رواه الحاكم في "المستدرك [ص 357 - ج 2.] - في تفسير سورة النحل" من حديث عبيد اللّه بن عمرو الرقي عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قاال له عليه السلام: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول اللّه، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: فكيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنًا بالإيمان، قاال: فإن عادوا فعد، انتهى. وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وكذلك رواه البيهقي في "المعرفة"، وأبو نعيم في "الحلية - في ترجمة عمار"، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أنا معمر عن عبد الكريم الجزري به، وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده - في مسند عمار بن ياسر". ولم يعزه شيخنا علاء الدين، مقلدًا لغيره - إلا للاستيعاب - . - الحديث الثاني: روي أن خبيبًا رضي اللّه عنه صبر على الإكراه حتى صلب، وسماه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سيد الشهداء، وقال فيه: - هو رفيقي في الجنة، قلت: غريب، وقتل خبيب في "صحيح البخاري" [قلت: هذا الحديث، عند البخاري في "الجهاد - باب هل يستأسر الرجل، ومن لم يستأسره، ومن ركع ركعتين عند القتل" ص 427 - ج 1، وفي "المغازي - في باب بعد باب فضل من شهد بدرًا" ص 568 - ج 2، وفي "غزوة الرجيع" ص 585 - ج 2، ولفظ التخريج، عند البخاري في "غزوة الرجيع" وأخرج الحديث في التوحيد أيضًا "باب ما يذكر في الذات والنعوت والأسامي" ص 1100 - ج 2] في مواضع، وليس فيه أنه صلب، ولا أنه أكره، ولا أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سماه سيد الشهداء، ولا قال فيه: هو رفيقي في الجنة، أخرجه في "الجهاد" عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي عن أبي هريرة، قال: بعث النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سرية عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل: يقال لهم - بنو لحيان - فتبعوهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم، وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا، قال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم فرموهم، حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فنزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم، فجروه، وعالجوه على أن يصحبهم، فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب، وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا حتى إذا أجمعوا على قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها، فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي قد رجع إليه، حتى أتاه، فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذلك مني، وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟، ما كنت لأفعل ذلك إن شاء اللّه، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، لقد رأيته يومًا يأكل من قطف عنب، وما بمكة يومئذ تمرة، وأنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزقًا رزقه اللّه، فخرجوا به من الحرم لقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، فصلى، ثم رجع إليهم، فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق مهم أحدًا، ثم قال: ولست أبالي حين أُقتل مسلمًا، * على أي شق كان للّه مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلوٍ ممزع ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم بن ثابت ليأتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث اللّه عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء، انتهى. قال عبد الحق: وقصة خبيب كانت في غزوة الرجيع، وغزوة الرجيع كانت بعد أُحد، وأخرجه أبو داود [عند أبي داود في "الجهاد - باب في الرجل يستأثر" ص 4 - ج 2] والنسائي عن عمرو بن جارية الثقفي عن أبي هريرة، فذكره، لكن ورد أنه أكره، ذكره الواقدي في "المغازي"، فقال بعد أن رواه بلفظ البخاري مطولًا: وحدثني قدامة بن موسى عن عبد العزيز بن زمامة عن عروة بن الزبير عن نوفل بن معاوية الديلمي، قال: لما صلى خبيب الركعتين حملوه إلى خشبة، فأوثقوه رباطًا، ثم قالوا له: ارجع عن الإسلام، وهو يقول: والله لا أرجع أبدًا، فقالوا له: واللات والعزى لئن لم تفعل لنقتلنك، قال: إن قتلي في اللّه لقليل، ثم قال: اللهم إني لا أرى هنا إلا وجه عدو، وليس ههنا أحد يبلغ رسولك عني السلام، فبلغه أنت عني السلام، قال: وحدثني أسامة بن زيد عن أبيه أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان جالسًا مع أصحابه، إذ قال: وعليه السلام ورحمة اللّه، فقيل له في ذلك، فقال: هذا جبرئيل يقرئني السلام من خبيب، قال: ثم دعوا من أبناء من قتل ببدر أرعين غلامًا، فقالوا لهم، هذا الذي قتل أباكم، فطعنوه برماحهم حتى قتلوه، قال: وكان عقبة بن الحارث يقول: والله ما أنا بالذي قتلت خبيبًا، أن كنت يومئذ لغلامًا صغيرًا، ولكن رجلًا من بني عبد الدار يقال له: أبو ميسرة أمسك بيدي على الحربة، ثم جعل يطعنه حتى قتله، انتهى. والمعروف في قوله عليه السلام: "سيد الشهداء" أنه في حمزة رواه الحاكم في "المستدرك [في "المستدرك - في مناقب حمزة" ص 192 - ج 3] - في الفضائل" من حديث جابر، ومن حديث علي. - فحديث جابر: أخرجه من طريقين: [قلت: وفي "المستدرك" ص 195 - ج 3 عن حفيد الصفار، بدل: حميد الصغار، والطريق لهذا الحديث في "المستدرك" ص 199 - ج 3.] أحدهما عن حميد الصفار عن إبراهيم الصائغ عن عطاء بن أبي رباح عن جابر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله، انتهى. وقال: حديث صحيح الإسناد. ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في "مختصره" فقال: حميد الصفار لا يدري من هو، انتهى. الثاني: عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: سيد الشهداء عند اللّه يوم القيامة حمزة، وذكر فيه قصة، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى. وأقره الذهبي عليه. - وحديث علي: أخرجه هو، والطبراني في "معجمه" عن أبي إسحاق الشيباني عن علي بن حزورّ [قلت: في "هامش التهذيب" ص 296 - ج 7 نقلًا عن "التقريب" الحزور - بفتح المهملة، والزاي، والواو المشددة، بعدها راء - ، انتهى] عن الأصبغ بن نباتة عن علي قال: إن أفضل الخلق يوم يجمعهم اللّه الرسل، وأفضل الناس بعد الرسل الشهداء، وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وقد تكلم به رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، انتهى. وسكت عنه. - حديث آخر: ورد نحو ذلك في بلال، رواه البزار في "مسنده" من حديث زيد بن أرقم أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: نعم المرء بلال، وهو سيد الشهداء، والمؤذنون أطول أعناقًا يوم القيامة، وينظر بقية السند والمتن. -
|